علماء اليمن في مرمى الاغتيالات
تصاعدت حدة الاغتيالات التي تستهدف الدعاة والعلماء في المحافظات اليمنية الجنوبية منذ تحرير عدن في يوليو2015، حيث تم استهداف عدد من العلماء والدعاة بعضهم بالقتل المباشر عبر مسلحين مجهولين وآخرين تم اعتقالهم في السجون في حين تم اقتحام منازل ومساجد تابعة لبعض الدعاة والعلماء في عدن وحضرموت بشكل خاص.
وحسب الإحصائيات الأولية فقد تم اغتيال ما لا يقل عن 9 من العلماء والخطباء والدعاة في محافظات جنوبية ولاقت استنكار شعبي كبير ومطالبات للسلطة الحاكمة والأجهزة الأمنية بضرورة الكشف عن المتهمين خصوصاً أنه تم القبض على بعضهم كما هو الحال مع المتهمين باغتيال الشيخ السلفي البارز عبدالرحمن العدني في منطقة الفيوش أثناء خروجه من منزله متوجهاً نحو المسجد الذي يدير فيه مركز “دار الحديث” والذي يدرس فيه العلم والحديث مئات من الطلاب من مختلف المحافظات.
وقبل يومين اغتال مسلحون مجهولون الشيخ عبدالرحمن الزهيري إمام جامع الرحمن بمدينة المنصورة بعد خروجه من صلاة الفجر، حيث استخدم الجناة مسدس كاتم للصوت وأطلقوا عدة طلقات على الشيخ فأردوه قتيلاً، قبل أن يلوذوا بالفرار عبر دراجة نارية.
محافظات حضرموت الجنوبية ليست أقل سوءاً من عدن في استهداف العلماء حيث تم اعتقال عدد من العلماء والدعاة بعد الحملة العسكرية التي طردت عناصر تنظيم القاعدة من المكلا بعد سيطرتهم على المدينة لأكثر من عام، وتم إعلان إيقاف عمل المؤسسات الخيرية من قبل مكتب وزارة العمل حتى إشعار أخر، وهو الأمر الذي رفضه أهالي حضرموت الذين خسروا كثيراً بسبب اغلاق هذه المؤسسات الخيرية.
وفي تعليقه على هذا الموضوع أكد عضو هيئة علماء اليمن الشيخ كمال بامخرمة “أن أبناء حضرموت فوجئوا بأن أول عمل تمارسه السلطات المحلية في حضرموت فور عودة الدولة هو اعتقال العلماء، وهؤلاء علماء معروفون على مدى ثلاثين سنة وهو ينشرون العلم والوسطية والاعتدال على منهج أهل السنة والجماعة، ولم نر منهم لا عنفاً ولا إرهاباً، وإنما هو نشر العلم الشرعي والإرشاد والنصح بالحكمة والموعظة الحسنة”.
وشدد بامخرمة على إدانة واستنكار هذه الاعتقالات التي طالت العلماء والدعاة وأهل الخير في المجتمع حيث تم تغييبهم ولم يسمح حتى لأسرهم بزيارتهم وإقامة المحامين للدفاع عنهم ولم يتم إحالتهم للقضاء إن كانوا قد ارتكبوا ما يستوجب المحاكمة.
واستغرب من قيام السلطات المحلية في حضرموت بتجميد بعض أنشطة الجمعيات الخيرية مع أن هذه الجمعيات أدت خدمات عظمية للشعب اليمني وساهمت في حل مشاكل الفقر لدى كثير من الناس في حضرموت، رافضاً ربط العمل الخيري الذي يسعى لخدمة الناس والتخفيف من معاناتهم بالعنف والإرهاب والتفجيرات.
من جهته أكد الشيخ عبدالله فيصل الأهدل عضو هيئة علماء اليمن وأحد أبرز علماء السنة بحضرموت أن العلماء والدعاة يواجهون حملة شرسة في اليمن عموما وفي حضرموت خصوصا تجاه الدعاة والمصلحين من اعتقالات عشوائية ومن ظلم وتعسف ومضايقات .
وأشار الشيخ الأهدل إلى أن الدعاة موجودون والمصلحون موجودون ولا يستطيع أحد أن يلغيهم فهم يستمدون قوتهم أولا من ربهم الذي خلقهم وأمرهم بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم يستمدون قوتهم من شعوبهم التي تريد الإسلام , الإسلام الصحيح الذي أنزل على محمد بن عبد الله ليس الإسلام الذي تريده أمريكا أو أذناب أمريكا .
ودعا الشيخ الأهدل الدولة ممثلة بالسلطة المحلية في حضرموت إلى الإفراج الفوري علن العلماء والدعاة المعتقلين بحضرموت مؤكدا أنهم سجنوا ظلما وعدوانا وأن يؤدوا الأمانة توسيد الأمور إلى أهلها وأن يمكن الصالحون والطيبون وواجب الدولة أن تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وتأتي حركة الاغتيالات المنظمة على فصيل واحد من العلماء والدعاة الذين عرف عنهم برفض “العنف والإرهاب” ويمارسون أعمالهم في الدعوة والعمل الخيري والإصلاح بين الناس منذ عشرات السنين.
وقد أصدر أكثر من 100 من علماء اليمن بياناً عاجلاً استنكروا فيه ما يحدث في محافظتي عدن وحضرموت ومحافظات أخرى جنوب وشرق اليمن من اختلالات واضطراب الأمن، وتعدد المليشيات، وانتشار الاغتيالات التي استهدفت شخصيات في المقاومة ودعاة وعلماء.
وطالب الموقعون على البيان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي والحكومة والمحافظين والقيادات المحلية بإصلاح هذه الاختلالات والقضاء على كل أنواع الظلم والفساد في المجتمع، والتحقيق في حوادث القتل الخارجة عن نطاق القضاء.
كما دعا البيان إلى قيام الجهات المسؤولة بواجبهم في كف المجرمين الذين يقومون بالاغتيالات وضرب أمن البلد، والإفراج فورا عن المعتقلين خارج نطاق القضاء وعلى رأسهم قادة المجتمع وصلحاؤه ممن عرفوا بخدمة مجتمعهم ونشر الخير فيه.
وطالب الموقعون “إطلاق يد المؤسسات الخيرية وعدم تقييد أنشطتها لتسهم في خدمة المجتمع اليمني وإغاثة شعبه المنكوب، وعدم مصادرة وتقييد حريات المخالفين في أي منطقة وبلد تقع تحت سلطة الدولة، فهذا هو واجب الحاكم تجاه المحكوم”.
إرسال التعليق