نتنياهو يتصرّف بطريقة تعود بالفائدة على خامنئي

ناتنياهو

نشر مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى تقدير موقف حول سياسيات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين ناتنياهو وقال المركز انه تعود بالنفع على خامنئي. وجاء في التقدير ما يلي:
تلعب إيران لعبة طويلة الأمد، في حين لا يفعل ذلك قادة إسرائيل.

إيران لا تخفي سعيها لتدمير إسرائيل، واستراتيجيتها ترتكز على إبقاء إسرائيل تحت ضغط دائم وجرّها إلى صراعات مستمرة على حدودها. وهذا النهج يبدو أنه يحقق نجاحاً لصالح إيران، حيث أن ردود فعل إسرائيل الحالية تصب بطريقة غير مباشرة في مصلحة الإيرانيين.

المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، يعتقد أن الإسرائيليين سيغادرون بلدهم إذا تعرضوا لضغوط عسكرية مستمرة. وهذا ما يسمى بـ”حلقة النار” حول إسرائيل ينبع من هذا الافتراض. وعلى الرغم من أن الإسرائيليين أظهروا استعدادهم للقتال من أجل وطنهم، يظل خامنئي وأمين عام “حزب الله”، حسن نصر الله، يؤمنان بأن استراتيجيتهما على المدى الطويل ستجعل إسرائيل تختفي.

نصر الله أعلن في خطاب له أن الإسرائيليين غير متجذرين في الأرض، وأنهم سيفرون تحت الضغوط. وخامنئي يتبنى أيضاً فكرة أن “الهجرة العكسية” ستؤدي إلى نهاية إسرائيل. بناءً على هذا المنطق، تسعى إيران إلى جر إسرائيل إلى مواجهات متعددة الجبهات، مثل غزة، والحدود مع لبنان، والضفة الغربية. ومع ذلك، تبقى إيران حريصة على عدم الانخراط بشكل مباشر في الصراع أو التضحية بـ”حزب الله”.

وفي عمليات مثل اغتيال القياديين فؤاد شكر من “حزب الله” وإسماعيل هنية من “حماس”، وعد كل من خامنئي ونصر الله بالانتقام الشديد، لكنهما تجنبا تصعيداً يجرهما إلى مواجهة شاملة. الاستراتيجية الإيرانية تعتمد على استنزاف إسرائيل وإغراقها في مستنقعات تكلفها عسكرياً وتعزلها سياسياً. وكما صرح خامنئي، “إسرائيل تعيش أزمة، فدخولها غزة خلق لها مستنقعاً”.

الحكومة الإسرائيلية تجد نفسها في حروب استنزاف على جبهات متعددة، مما يلعب لصالح إيران. ولكن هذا لا يعني أن على إسرائيل خوض حروب شاملة مع “حزب الله” أو إيران، بل عليها البحث عن استراتيجية جديدة.

هذه الاستراتيجية تتطلب قرارات صعبة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإدارة بايدن تلعب دوراً في تسهيل بعض هذه الخيارات. على سبيل المثال، يجب إنهاء الحرب في غزة كخطوة أولى، وتعمل إدارة بايدن على التوصل إلى اتفاق حول الرهائن كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار.

لكن قد تكون هناك حاجة لخطة بديلة ترتكز على إنهاء الحرب من أجل تحرير الرهائن، بدلاً من العكس. وعلى نتنياهو تحقيق أهداف محددة كفككك الجناح العسكري لحماس ومنع التهريب. التركيز على معبر رفح وممر فيلادلفيا له أهمية كبيرة لمنع التهريب، ولكن إبقاء الجيش الإسرائيلي هناك قد يعقد الأمور.

دول مثل مصر، المغرب، والإمارات مستعدة لإدارة غزة مؤقتاً بمشاركة الفلسطينيين غير المرتبطين بـ”حماس”. يمكن لإدارة بايدن تقديم دعم تقني وأمني لمنع التهريب وضمان استقرار المنطقة.

إذا أُعلن عن إنهاء الحرب بعد إطلاق سراح الرهائن، سيواجه يحيى السنوار ضغوطاً هائلة للإفراج عنهم. وهذا قد يغير السياق السياسي ويسمح لإسرائيل بالادعاء بأنها أنهت الحرب بشروطها.

بعد معالجة غزة، على إسرائيل أن تلتفت إلى الحدود الشمالية. نصر الله أبدى استعداده لوقف الهجمات إذا تحقق وقف إطلاق النار في غزة. ومع أن إيران قد ترغب في استمرار الاستنزاف، إلا أن نصر الله يدرك التكلفة الكبيرة التي تتحملها قاعدته في جنوب لبنان. وبالنسبة لإسرائيل، عودة سكانها المهجرين مرتبطة بتأكيد أن “حزب الله” لن يعود للحدود، وهو أمر يجب أن تضمنه الولايات المتحدة بدعمها لإسرائيل في حال خُرق الاتفاق.

الجبهة الثالثة، الضفة الغربية، تحتاج أيضاً لمعالجة مختلفة. العمليات الإسرائيلية العسكرية هناك تحقق نجاحات محدودة، لكن التهديد الإيراني المتزايد يتمثل في تهريب الأسلحة والأموال وتحفيز الشباب الفلسطيني على ارتكاب أعمال إرهابية. ويأتي معظم التهريب عبر الحدود الأردنية، حيث يمكن للولايات المتحدة مساعدة الأردن بالتكنولوجيا والأفراد.

إسرائيل بحاجة أيضاً لتقليل البطالة بين الفلسطينيين والعمل على تخفيف الضغوط الاقتصادية على السلطة الفلسطينية. ولكن طالما أن شخصيات مثل إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش تصوغ سياسات الضفة الغربية، لن يتحقق الكثير من التقدم. إنهما يسعيان لانهيار السلطة الفلسطينية، وهو ما سيترك فراغاً تستغله إيران.

الفلسطينيون بحاجة إلى أمل في مستقبل، وهو ما يمكن للسعوديين أن يساعدوا فيه بتقديم رؤية سياسية. ويتعلق هذا أيضاً باتفاقية تطبيع محتملة بين السعودية وإسرائيل. السعوديون يطالبون بمعاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة ومسار نحو دولة فلسطينية، وهو ما يتطلب تغييرات في السياسة الإسرائيلية.

الشعب الإسرائيلي بات أكثر تحفظاً تجاه فكرة الدولة الفلسطينية منذ هجوم “حماس”، لكن إذا قدمت لهم ضمانات بأن هذه الدولة لن تكون تحت سيطرة “حماس”، فقد تتغير النظرة العامة. من المهم أن تعمل إسرائيل على خطوات تعزز فرص إقامة دولة فلسطينية بدلاً من إجهاضها.

أخيراً، قد يكون الوقت مناسباً لتوقيع معاهدة دفاع رسمية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة بعد الاعتراض المشترك لهجمات إيرانية في أبريل. هذا الاتفاق قد يساعد في تعزيز موقف إسرائيل ضد إيران وحلفائها.

الخلاصة هي أن إيران ووكلاءها يسعون لاستنزاف إسرائيل على المدى الطويل. وللتغلب على هذا التحدي، يجب على إسرائيل تطوير استراتيجية جديدة تعتمد على تحييد هذه التهديدات بدلاً من تعزيزها.

إرسال التعليق